اللهم صل على المبعوث رحمة للعالمين وآله الطيبين الطاهرين
إلهي وربي من لي غيرك ؟؟؟
الســلام عليكم ورحمة الله وبركاته
المستحيل هو أن ( ترى الله ) بعينك لأنه ( ليس كمثله شيء ) فلذلك ( لا تدركه الأبصار ) فكل ما نراه بأعيننا هي أجسام لها حيز وحجم والله سبحانه وتعالى ليس بجسم لذلك تستحيل رؤيته بالعين سواء في الدنيا أوفي الآخرة لذلك قال تعالى ( لن تراني ) وليس كباقي المذاهب حيث يقولون بإمكانية رؤية الله في الآخرة ( سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَقُولُونَ عُلُوًّا كَبِيرًا )
فرؤية الله سبحانه بالعين مستحيلة مطلقاً ولكن ........
رؤيته تعالى بالقلب ممكنة
زدني بفرط الحب فيك تحيرا *** وارحم حشى بلظى هواك تسعرا
وإذا سألتك أن أراك حقــيقـة *** فاسمح ولا تجعل جوابي لن ترى
فالله سبحانه وتعالى يقول ( لا تسعني أرضي ولا سماي ولكن يسعني قلب عبدي المؤمن ) فأمير المؤمنين عليه السلام يقول ( وهل أعبد ربا لا أراه قيل كيف يا أمير المؤمنين قال لا تراه العيون بمشاهدة العيان ولكن تراه القلوب بحقائق الإيمان ) وقال أيضاً ( ما أقدمت على شيء إلا رأيت الله قبله وفيه وبعده ) ويقول الإمام الحسين عليه السلام ( عميت عينا لا تراك عليها رقيبا ).
ويقول في عليه السلام في دعاء عرفة ( إلهي هب لي كمال الإنقطاع إليك وأنر أبصار قلوبنا بضياء نظرها إليك حتى تخرق أبصار القلوب حجب النور فتصل إلى معدن العظمة وتصير أرواحنا معلقة بعز قدسك )
نأتي الآن للآيات الشريفة التي عي محور البحث
( وَلَمَّا جَاء مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَن تَرَانِي وَلَكِنِ انظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ موسَى صَعِقًا فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ )
هذه الآيات الشريفة يوجد بها إشكالات كثيرة تحتاج إلى توضيح وحتى لا يبقى الإنسان متحيراً لا بد من إيضاحها ومن هذه الإشكالات :
1- هل كان طلب النبي موسى عليه السلام من الله رؤية قلبية أم رؤية بصرية ؟؟
2- إن كانت قلبية فإنها غير مستحيلة فلماذا قال له الحق تعالى ( لن تراني ) ؟؟
3- إن كانت رؤية بصرية وهذه مستحيلة فهل كان النبي موسى عليه السلام لا يعلم بأن رؤية الله بالعين مستحيلة ؟
4- وإن كان يعلم بأنها مستحيلة فلماذا يطلب مستحيل وهو نبي معصوم ؟؟؟
5- ما هو المراد من التجلي ؟؟
6- من ماذا تاب موسى عليه السلام ؟
الإجابات
1- لم تكن رؤية قلبية بل كانت رؤية بصرية بالعين .
2- رؤية بصرية وليست قلبية لذلك قال تعالى ( لن تراني )
3- كان يعلم بأنها مستحيلة .
4- لماذا طلب موسى رؤية الله؟
طلب موسى عليه السلام الرؤية ليس لنفسه بل لقومه الذين أصروا أن يريهم الله جهرة ( وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً )
كما كان إبراهيم عليه السلام ( فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأَى كَوْكَبًا قَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لا أُحِبُّ الآفِلِينَ (76) فَلَمَّا رَأَى الْقَمَرَ بَازِغًا قَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَئِن لَّمْ يَهْدِنِي رَبِّي لأكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ (77) فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بَازِغَةً قَالَ هَذَا رَبِّي هَذَآ أَكْبَرُ فَلَمَّا أَفَلَتْ قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ (78)
هل كان إبراهيم عليه السلام لا يعرف الله فظن بأن الكوب والقمر الشمس هم الرب تعالى والعياذ بالله ؟
بالطبع لا وألف لا فهو بعمله هذا يثبت عملياً بأن ما كان يعبده قومه هو خلاف الواقع فالله سبحانه وتعالى هو خالق هذه الأشياء .
كذلك طلب موسى عليه السلام حيث طلب جماعة من بني إسرائيل من موسى(عليه السلام) ـ بإلحاح وإصرار ـ أن يَروا الله سبحانه، وأنّهم لن يؤمنوا به إذا لم يشاهدوه، فاختار موسى سبعين رجلا من قومه واصطحبهم معه إلى ميقات ربّه، وهناك رفع طلبهم إلى الله سبحانه، فسمع جواباً أوضح لبني إسرائيل كل شيء في هذا الصعيد.
( وَاخْتَارَ مُوسَى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلاً لِّمِيقَاتِنَا فَلَمَّا أَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ قَالَ رَبِّ لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُم مِّن قَبْلُ وَإِيَّايَ أَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ السُّفَهَاء مِنَّا إِنْ هِيَ إِلاَّ فِتْنَتُكَ تُضِلُّ بِهَا مَن تَشَاء وَتَهْدِي مَن تَشَاء أَنتَ وَلِيُّنَا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنتَ خَيْرُ الْغَافِرِينَ)
وللتوضيح أكثر نأخذ كلام آية الله الشيخ ناصر مكارم الشيرازي حفظه الله من تفسيره ( الأمثل )
إنّ أوّل سؤال يطرح نفسه هنا هو: كيف طلب موسى(عليه السلام) ـ و هو النّبي العظيم ومن أُولي العزم ـ رؤية الله وهو يعلم جيداً أن الله ليس بجسم، وليس له مكان، ولا هو قابل للمشاهدة والرؤية، والحال أن مثل هذا الطلب لا يليق حتى بالأفراد العاديّين من الناس؟
أن موسى(عليه السلام) طرح مطلب قومه، لأنّ جماعة من جَهَلة بني إسرائيل أصرّوا على أن يروا الله حتى يؤمنوا فَقَالُواْ أَرِنَا اللّهِ جَهْرَةً فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ بِظُلْمِهِمْ هذه الآية خير شاهد على هذا الأمر) وقد أمر موسى (عليه السلام) من جانب الله أن يطرح مطلب قومه هذا على الله سبحانه حتى يسمع الجميع الجواب الكافي،
ومن القرائن الواضحة التي تؤيد هذا التّفسير ما نقرأه في الآية (155) من نفس هذه السورة، من أنّ موسى(عليه السلام) قال بعدما حدث ما حدث: (أتهلِكُنا بما فَعَل السفهاءُ منّا).
فيتّضح من هذه الجملة أنّ موسى(عليه السلام) لم يطلب لنفسه مثل هذا الطلب اطلاقاً، بل لعلّ الرجال السبعين الذين صعدوا معه إلى الميقات هم أيضاً لم يطلبوا مثل هذا الطلب غير المعقول وغيرالمنطقي، إنّهم كانوا مجرّد علماء، ومندويين من جانب بني إسرائيل خرجوا مع موسى(عليه السلام) لينقلوا فيما بعد مشاهداتهم لجماعات الجهلة والغافلين الذين طلبوا رؤية الله سبحانه وتعالى ومشاهدته.
5- ـ ما هو المراد من تجلّي الله؟
لقد وقع كلام كثير بين المفسّرين في هذا الصعيد، ولكن ما يبدو للنظر من مجموع الآيات أنّ الله أظهر إشعاعة من أحد مخلوقاته على الجبل (وتجلّي آثاره بمنزلة تجليه نفسه) ولكن ماذا كان ذلك المخلوق؟ هل كان إحدى الآيات الإلهية العظمية التي بقيت مجهولة لنا إلى الآن، أو أنّه نموذج من قوة الذرَّة العظيمة، أو الأمواج الغامضة العظيمة التأثير والدفع، أو الصاعقة العظيمة الموحشة التي ضربت الجبل وأوجدت برقاً خاطفاً للأبصار وصوتاً مهيباً رهيباً وقوّة عظيمة جداً، بحيث حطّمت الجبل ودكّته دكّاً ؟!
وكأنّ الله تعالى أراد أن يُرِىَ ـ بهذا العمل ـ شيئين لموسى(عليه السلام) وبني إسرائيل:
الأوّل: أنّهم غير قادرين على رؤية ظاهرة جد صغيرة من الظواهر الكونية العظيمة، ومع ذلك كيف يطلبون رؤية الله الخالق.
الثاني: كما أن هذه الآية الإلهية العظيمة مع أنّها مخلوق من المخلوقات لا أكثر، ليست قابله للرؤية بذاتها، بل المرئي هو آثارها، أي الرجة العظيمة، والمسموع هو صوتها المهيب. أمّا أصل هذه الأشياء أي تلك الأمواج الغامصة أو القوة العظيمة فلا هي ترى بالعَين، ولا هي قابلة للإدراك بواسطة الحواس الأُخرى، ومع ذلك هل يستطيع أحد أن يشك في وجود مثل هذه الآية، ويقول: حيث أنّنا لا نرى ذاتها، بل ندرك فقط آثارها فلا يمكن أن نؤمن بها.
فإذا يصح الحكم هذا حول مخلوق من المخلوقات، فكيف يصح أن يقال عن الله تعالى: بما أنّه غير قابل للرؤية، إذن لا يمكننا الإيمان به، مع أنّه ملأت آثاره كل مكان؟
6 ـ مم تاب موسى(عليه السلام) ؟
إنّ آخر سؤال يطرح نفسه هنا هو: أن موسى(عليه السلام) بعد أن أفاق قال: (تبتُ إليك) في حين أنّه لم يرتكب إثماً أو معصية، لأن هذا الطلب كان من جانب بني إسرائيل، وكان طرحه بتكليف من الله، فهو أدى واجبه إذن، ثمّ إذا كان هذا الطلب لنفسه وكان مراده الشهود الباطني لم يُحسب هذا العمل إثماً؟؟
ولكن يمكن الجواب على هذا السؤال من جانبين:
الأوّل: أن موسى طلب مثل هذا الطلب بالنيابة عن بني إسرائيل، ومع ذلك طلب من الله أن يتوب عليه، وأظهر الإِيمان.
الآخر: أنّ موسى(عليه السلام) وإن كان مكلَّفاً بأن يطرح طلب بني إسرائيل، ولكنّه عندما تجلى ربّه للجبل واتّضحت حقيقة الأمر، انتهت مدّة هذا التكليف، وفي هذا الوقت لا بدّ من العودة إلى الحالة الأُولى يعني الرجوع إلى ما قبل التكليف، وإظهار إيمانه حتى لا تبقى شبهة لأحد، وقد بيّن ذلك بجملة، (إنّي تبت إليك وأنا أوّل المؤمنين).
الخلاصة :
هو أن موسى عليه السلام قد ضرب مثلا للناس بأن الله لا يرى بالعين فهو نبي ومن أولي العزم ولم يرى الله فكيف بالناس العاديين ؟
أتمنى أن تكون الفكرة وصلت والإشكالات قد حلت ونسألكم الدعاء ..
إلهي كيف امساك ولم تزل ذاكري ؟؟ وكيف ألهو عنك وأنت مراقبي ؟؟؟
موضوع: المستحيــــــــــــــــــــــــــــــل 
السبت أغسطس 18, 2007 11:06 pm
